المدونون يشتركون في النقاش حول إصلاح التعليم

مدونون يتحركون لإنقاذ المنظومة التعليمية بالمغرب
الرأي – عادل نجدي: أثار تقرير البنك الدولي حول وضع التعليم بالعالم العربي، والذي وضع المغرب في مرتبة متقدمة جدا من سلم التخلف، زوبعة وأخذا وردا، وارتفعت عدد من الأصوات تدعو إلى الإصلاح واستدراك ما فات، كان آخرها صوت المدونين المغاربة، الذين أطلقوا مبادرة تدوينية تبغي إنقاذ المنظومة التعليمية بالمغرب.
"هل يستطيع المواطنون المغاربة أن يستمروا في إغفال حقيقة أن مستقبلهم مهدد فعلا؟ هل يستطيعون أن يرتاحوا لفكرة أن منظومة التربية تضحي بأجيال كاملة؟ كيف لا نثور حين نرى أن لا أحد من الأحزاب لم يرغب في شغل حقيبة التربية في الحكومة الحالية؟ كيف نستمر في إغفال أن أكثر من ربع ميزانيتنا تهدر في منظومة لا تؤدي إلا إلى الباب المسدود؟ هل أصابنا إلى هذا الحد عقم فكري لكي لا نجد حلولا لهذه المشكلة، كما فعلت بلدان أخرى؟" بهذه العبارات اختار23 مدونا إطلاق" مبادرة المدونين المغاربة لإنقاذ المنظومة التعليمية"، سلاحها التدوين وحملة توقيعات ودعوة إلى فتح نقاش مجتمعي عميق حول وضعية
التعليم.
ولأن من حق الجميع أن يحركوا كل المفاتيح ليدافعوا عن قضاياهم، كان للمدونين المغاربة أصابع تقربهم من هدفهم، يقول خالد العوني، أحد المدونين المغاربة الواقفين وراء المبادرة"هي دعوة من العالم الافتراضي إلى المسؤولين من أجل إعادة هيكلة جذرية لقطاع التعليم، الذي يتأزم يوما بعد آخر"، مضيفا في تصريحات لـ"الرأي" أن"أزمة التعليم بالمغرب لم تكن وليدة اليوم، وإنما هي نتاج سياسات تربوية متعاقبة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ارتجالية وبعيدة عن الجودة والكفاءة، فالتعليم الوطني تغيب عنه الإنتاجية والمدرسة المغربية أصبحت معاهدا لتخريج العاطلين، كما أن هناك أرقام مهولة فيما يخص البنيات التحتية التربوية واليأس التربوي، وبعبارة أدق أقول بأن التعليم قد انهار".
وبينما يرى المدون منير بنصالح أن ما تعيشه المنظومة التعليمية في المغرب
وما كشفت عنه ملخصات تقرير التنمية البشرية وتقرير البنك العالمي حول وضع التعليم بالعالم العربي كان محفزا للعمل الجماعي العفوي للمدونين، يؤكد لعوني في تصريحاته لـ"الرأي" أن الدافع للمشاركة في المبادرة لم يكن التقرير الأخير الصادر عن البنك الدولي، الذي وضع المغرب في الرتبة11 من أصل 14 دولة عربية خضعت للدراسة، بل وتتقدم عليه دول تعيش تحت نير الاحتلال مثل قطاع غزة، بقدر ما كان التخوف من مستقبل ملبد بالغيوم. وينفي العوني أن تكون وراء مبادرتهم مرام سياسية، مشيرا إلى أنها "وقفة متأنية من قبل مواطنين مغاربة بعيدة عن أية مزايدات سياسية أو حساسيات إيديولوجية، فغايتنا،في النهاية، هي الخروج بتوصيات سيتم رفعها للمسؤولين والرأي العام الوطني".
إلى ذلك، أكد المدون بنصالح أن هدف المبادرة"ليس هو جرد الواقع لأن الجرد موجود،ولا البحث عن المسؤولين فالمسؤولية يتقاسمها الجميع، وإنما الدعوة إلى فتح نقاش مجتمعي عميق حول وضعية التعليم، وإلى تحمل جميع المتدخلين في المنظومة التعليمية من مسؤولين وآباء ومربين لمسؤولياتهم".
ولئن كان تقرير البنك الدولي الصادر الشهر الماضي، قد ذكر أن التعليم المغربي لا يعتبر نموذجا يحتذى في المنطقة العربية، وأن الإصلاحات التي اتبعها المغرب لتحسين مستوى التعليم لم تؤت أكلها، فإن المدونين المغاربة يراهنون من خلال مبادرتهم على دفع الدولة المغربية إلى تغيير جذري لسياستها قصد تعميم التعليم في أفق 2015، وإنشاء مدرسة بمضمون مواطناتي ومنفتح على العالم، تضمن التلاقح الاجتماعي وتدرس الحقوق والواجبات، مدرسة تشجع الخلق والمبادرة وتقلص الإقصاء المجالي.
ويراهن أصحاب المبادرة على اشتراك أكبر عدد من المواطنين في خطوتهم لإسماع صوتهم والمطالبة بفعل عاجل ومحدد لإنقاذ المنظومة التعليمية بالمغرب، لذلك فإنهم يعملون جاهدين على استغلال كل الوسائل التي تتيحها الشبكة العنكبوتية لكسب مؤازرين جدد، يقول العوني" التجاوب مع المبادرة يتنامى يوما بعد آخر، وسنواصل العمل بغية حشد أكبر دعم ممكن سواء في صفوف المدونين أو فعاليات المجتمع المدني بعيدا عن أي حساسيات إيديولوجية لأن الوضع يقتضي التحرك وعدم البقاء في موقع المتفرج، فالتعليم ليس بحاجة لمن يذكر بأهميته لأنه إن انهار فحتما سينهار الوطن". ورغم هذا التجاوب، وارتفاع عدد المؤازرين، حسب المدون بنصالح، إلى نحو 1000 من داخل المغرب وخارجه، إلا أن المدونين المغاربة مازالوا ينتظرون رد الجهات الرسمية المعنية التي لم تبد لحد اللحظة الراهنة ما يدل على أن المبادرة وجدت صدى لديها أو لدى أجهزتها.