الصويرة تستعيد أطفالها

مدينة الصويرة تستعيد أطفالها عبد العالي خلاد جريدة الاتحاد الاشتراكي 28 مايو 2008
دامعة عيونهم، تتملكهم رهبة المكان الجديد، يطالعون الوجوه الباسمة، يتفحصون ملامحها في براءة تدين كل الدين هجروا، كل الذين تاجروا، وكل الذين صمتوا سنينا...
وأطفال من ثلاث سنوات فما فوق، ذكور، أو إناث باسمات، مزهوات بكم الادرع التي تتطاول لتعانقهن، تقبلهن،وتمسح على رؤوسهن الصغيرة تردع شياطين القسوة والوحشة وقهر الجدران... المتطاولة.
آن لكل اللواتي، والذين بكوا، مغاربة، بلجيكيون، ألمان وفرنسيون، لساعات طوال بؤس هؤلاء الملائكة الصغار، آن لهم أن يناموا قريري الأعين، فمدينة الصويرة تستعيد أطفالها هدا الصباح.
53 طفلا وطفلة، يصلون تباعا في سيارة مستشفى سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة برعاية طبيب ومساعد اجتماعي وممرضة، على معصم كل طفل سوار يثبت اسمه، يسجل في سجل الاستقبال عند مدخل مركز استقبال الأطفال بالصويرة، الذي أصبح بيتهم الجديد بعد أن قضت المحكمة الابتدائية بالصويرة بحل جمعية نور نجمة للأطفال المتخلى عنهم  بمنطقة الغزوة بالصويرة، لجنة مكونة من نائب وكيل الملك ، قائد، ثلاث رجال سلطة، طبيب، ثلاث ممرضات ، مساعد اجتماعي ومجموعة من القوات المساعدة  انتقلت هدا  الصباح إلى مقر الجمعية لتنفيد الحكم القضائي واستعادة الأطفال، تلي الحكم على ابن رئيسة الجمعية المتواجدة بمدينة مراكش، والذي أكد توصله بالحكم ، وعين حارسا على أملاك الجمعية التي أصبحت الآن في ملك الدولة .
يتناولون فطورهم، لتتلقفهم يد الحلاق تباعا: "فروة رأس هذا الطفل مصابة بالثعلبة... القمل..." يهمس الحلاق لأحد المشرفين على الدار، وآخر، فاخر، ثم آخر... تستلمهم أيادي المربيات اللواتي انتشرن بلباسهن الأنيق في كافة أنحاء وطبقات المركز، وتاخدهم إلى دفء مياه حمام يغير تمثلهم للاستحمام، ومواد النظافة، وأدواتها، ولحظاتها....
حضانة، غرف نوم ، قاعة أكل، حمامات، مصحة، حديقة العاب، تجهيزات أنيقة تزين مرافق المكان الذي يبعث فيك إحساسا بالأمان على هؤلاء الأطفال، شيد هدا المركز بتمويل من المبادرة الوطنية لتنمية البشرية بمبلغ أربعة ملايين وخمس مائة ألف درهم، كما حضي بهبة ملكية قيمتها 250 ألف درهم خلال الزيارة الملكية لمدينة الصويرة قبل أكثر من سنة.
" كانوا يأكلون الطاجين ويطعموننا القطاني أو أي شيء آخر" صرحت إحدى الطفلات للمساعدة الاجتماعية التي تؤكد أن أكثر ما راق للأطفال في البيت الجديد، هو الأكل، هو اللحم، الفواكه، الياغورت... أطفال يجترون الحرمان، و يعانون من أثار أجواء العنف التي أثرت في علاقاتهم مع الكبار وفيما بينهم، حالات كثيرة من التبول اللاإرادي حتي في حالة يقظة تكررت خلال اليوم الأول، خواف، شرود دائم، بكاء متكرر هنا وهناك لاستدرار الاهتمام... هم في حاجة ماسة إلى النسيان أولا...
" هل تعرف الصلاة؟"
" لا، ماما ... كانت تمنعنا من الصلاة"
هكذا صرح احد الأطفال للمساعدة الاجتماعية التي صدمها الغياب المطلق للوازع الديني في تربية الأطفال...
تم إيداع الأطفال الأقل من ست سنوات في مركز استقبال الأطفال، فيما الحق الأطفال البالغين أكثر من ست سنوات بالجمعية الخيرية الإسلامية، كما الحقوا بمدارس بمدينة الصويرة حتى لا يتأثر موسمهم الدراسي بتغيير الأمكنة.
يتكون الفضاء الجديد الذي شيد على مساحة 600 متر بطاقة استيعابية تصل إلى 70 طفلا، من حضانة،غرف نوم، مصحة، حمامات، مطعم، مطبخ،حديقة العاب، قاعة استقبال... وتم تجنيد طاقم إداري وتربوي لضمان شروط الإدارية والتربوية الأساسية لمؤسسة اجتماعية تعنى بالأطفال في وضعية صعبة.
من خريبكة، أسفي،خنيفرة،اكادير، الصويرة... أمهات عازبات يسرت لهن جمعية نور نجمة سبل التخلص من أطفالهن بعيدا عن القانون الذي داست عليه تنازلات الأمهات  المصادق عليها بالمقاطعة.