جمعية دعم الخزانات القروية
أداة لتحقيق هدف الولوج إلى المعرفة والتثقيف الذاتي
09:36 | 14.06.2008 نعيمة لمسفر | المغربية
هاجس المعرفة والقراءة والتثقيف كان وراء تأسيس جمعية يمكن اعتبارها من القلائل التي تهتم بالقطاع المكتبي، وما يمكن أن يساهم به في نشر العلم والولوج إلى المعرفة.
الرهان كبير لكن الإرادة موجودة، وتحدو مجموعة من الفاعلين الذين يرون في المكتبة، سواء المدرسية أو العمومية، والتي تكون الأداة الرئيسية للولوج إلى المعرفة والتثقيف الذاتي، رافدا أساسيا للتنمية.
وهكذا كانت جمعية دعم المكتبات القروية التي تأسست في يونيو 1999، بمبادرة من بعض الأشخاص الذين أبوا إلا أن يوظفوا تجربتهم وشهاداتهم العلمية وكذا اشتغالهم في بعض المشاريع مع منظمات دولية، في ميدان خلق المكتبات في العالم القروي.
يقول عبد الرحمن حنصال، رئيس الجمعية: "لقد استهدفنا العالم القروي لأنه يفتقد إلى وسائل التثقيف والتسلية أكثر من العالم الحضري، كما أننا نريد بها مساهمة لعدد من الفاعلين ينتمون إلى قطاع التوثيق والمكتبات، ومن خريجي مدرسة علوم الإعلام، لتغيير نظرة المجتمع للقراءة والنهوض بالقطاع الذي مازال يعتبره البعض هو فقط التحصيل الدراسي".
لا تريد جمعية دعم المكتبات بالعالم القروي أن تبقى متفرجة، بل تريد الانخراط من أجل تغيير واقع المكتبات في المغرب، إذ تعاني عدة نواقص، لا على مستوى الكمي أو الكيفي. وهكذا، إذ تبدو الحصيلة محدودة نظرا لصغر الجمعية، لكنها في واقع الأمر تبقى جد مهمة بالنسبة إلى المناطق المستهدفة، وبالنظر إلى المجهود الذي تبدله من أجل تقريب الكتاب من القارئ أينما كان وتحفيزه على المطالعة.
والحصيلة هي: إنشاء 7 مكتبات مدرسية بالمستوى الابتدائي، في حين كانت أول تجربة بالمستوى التعليم الثانوي، السنة الماضية، بالمحمدية. ثم 5 مكتبات عمومية في عدد من الدواوير بكل من تزنيت وورزازات وطاطا وفكيك، بشراكة مع جمعيات محلية مختصة في التنمية ..
ولم تغفل الجمعية دار الطالب والطالبة، إذ عملت على خلق 4 أركان للقراءة، ينضاف إلى هذا، خلق 39 ركن قراءة، في إطار شراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية والتعاون، خلال مشروع تعليم الفتاة القروية بالحسيمة والرشيدية.
وبشراكة مع جمعية " يد في يد" لجامعة الأخوين، قدمت الجمعية خبرتها في مجال تنظيم وتسيير وتنشيط المكتبات المدرسية، والتكوين لفائدة مسيري مكتبتين مدرسيتين، أحدثتهما الجامعة بإفران.
وتشجيعا للقراء من التلاميذ، وتحفيزا لهم لارتياد المكتبات العمومية، أحدثت الجمعية جائزتين لأحسن قارئ وأحسن قارئة، منذ سنة 2002، حين منحت الجوائز، لأول مرة، لفائدة الفتيات القاطنات بدور الطالبات بكل من مولاي إدريس زرهون، وعين اللوح بإفران، وتمدلين بورززات، وكذا تلامذة مجموعة مدارس دار الشافعي 2.
تلتها كل سنة، جوائز لتلاميذ مجموعة مدارس احد أولاد زيان، ولقراء المكتبة العمومية بالجماعة القروية موالين الواد، إقليم بن سليمان، ولأحسن قراء وقارئات المكتبة العمومية لدوار تزارت بجماعة أم كردام بإقليم طاطا، ثم تلاميذ مدرسة أبي هريرة، البروج– إقليم سطات.
وتعمل الجمعية على تقوية الرصيد الوثائقي للمكتبات المدرسية، كما تجعل من اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، يوما احتفاليا لا يخلو من التحسيس والتعبئة، إذ يشمل ورشات في الكتابة والرسم والحكي وبعض العروض الفنية والمسرحية، وكلها حتى يكون "الكتاب بدون حدود ولا قيود"، وحتى "تصبح القراءة ممكنة".
إلى جانب خلق مراكز للتوثيق والإعلام بعدد من الإعداديات بالعالم القروي، والسهر على تكوين مسيريها من الأساتذة والأطر التربوية، في تقنيات تنظيم وتسيير وتنشيط هذه المراكز، بادرت الجمعية إلى تنشيط فضاء الطفل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، وذلك خلال دورات 2002 و 2004، و2005. وكانت من الجمعيات الأولى التي سنت عادة التنشيط في فضاءات الأطفال.
من جهة أخرى، أشرفت الجمعية على توزيع وإرساء 81 حاسوبا، بشراكة مع المركز الوطني للتوثيق والمجموعة الإنسانية للمدرسة العليا للإعلاميات والإليكترونيك بباريس، لفائدة 20 جمعية و مؤسسة شريكة للجمعية، وعلى هبة 154 كتاب ووثيقة لجمعية جرادة للتعليم الأولي.
الجمعية تهتم بالتكوين "لأننا نعتبره مرحلة أساسية لأي مشروع نقوم به، لكن يمكننا القيام بتكوين دون مشروع حين يطلب منا ذلك" يقول عبد الرحمن حنصال الذي يرفض الحديث عن مخاصمة ما، بين المواطن أو القارئ والكتاب، ويعتبر هذا الحكم حيف، حين لا نتحدث عن الإمكانيات المتاحة، وعن سياسة واضحة للقراءة العمومية وفي ما إذا كان النظام التعليمي يشجع على القراءة أم لا، وهل المكتبات منتشرة بشكل كاف وفيها الكفاءات ولها الميزانيات الكافية... ويشير في الوقت ذاته إلى أن النظرة للقراءة هي الأخرى تلعب دورا في التحفيز "لأننا نحصرها دائما في التحصيل الدراسي ونغفل التربية على التعلم الذاتي أي التثقيف".
ويحبذ حنصال القراءة للمتعة "وهذا ما نفتقده سواء داخل الأسرة أو في المكتبات العمومية نفسها ما يجعل الخلط قائما بين المكتبات المدرسية والعمومية" ويرفض أن تفتح المكتبات العمومية أبوابها فقط في وجه التلاميذ المتمدرسين، لأنها تطالب بالإدلاء بالبطاقة المدرسية لمن يرغب في الاستفادة، في الوقت أن على الجميع حتى غير المتمدرسين اكتشاف الكتاب. ولعل بيان اليونسكو حول القراءة صرح بأن "المكتبات العمومية هي رافد أساسي للحملات التي تقوم بها الدول في مجال محو الأمية".
ظلت جمعية دعم المكتبات القروية تحمل هم القراءة العمومية، وهاجس الرفع من درجة الوعي بأهميتها، لا على مستوى الخطاب فقط، بل كذلك على مستوى الإنجاز. فكانت الحملة الأخيرة التي نظمتها قبل شهور، عبرت فيها عن قلقها من الحالة التي توجد عليها القراءة العمومية بالمغرب، والإقصاء الإعلامي والثقافي الذي تعيش فيه شريحة واسعة من المجتمع المغربي، وتتعلق بإصدار عريضة للتوقيع تضامن فيها.
عدد من الإعلاميين والكتبيين والناشرين والكتاب، وعبروا فيها عن استيائهم من وضعية القراءة العمومية بالمغرب، ورأوا أن القضاء على الإقصاء المعرفي والثقافي أولوية في التنمية الاجتماعية المحلية والقروية.
يقول عبد الرحمان حنصال: "الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو إثارة انتباه المسؤولين حول هذه الحالة التي بدأت تأخذ أبعادا خطيرة، ودعوتهم للتحرك من أجل إنعاش قطاع المكتبات العمومية بالمغرب ومصالحة المواطن مع الكتاب" معتبرا أنها كانت حملة إيجابية خلفت صدى مهما بالنسبة إلى الجمعية، حيث "جمعنا 109 توقيعا وقمنا بإرسال هذا البيان لعدد من الجهات المسؤولة، مثل وزارات الثقافة، والأوقاف والشباب والرياضة، ومديرية الجماعات المحلية والجمعية الوطنية للجماعات المحلية، والبرلمان بغرفتيه، واللجن البرلمانية المفترض انخراطها في هذه المبادرة، مرفوقا بتقرير مفصل حول ما وقفنا عليه من ثغرات ولامبالاة تعيق تطور نظام القراءة العمومية".
حققت الجمعية حضورها على مستوى تعزيز النسيج الجمعوي، رغم الإكراهات المادية. فهي محدودة الإمكانيات، كما أن أعضاءها هم من المتطوعين الذين رغم انشغالاتهم المهنية الأخرى لا يبخلون بالتطوع خدمة للجمعية وللمستفيدين منها. لكن حنصال يرى أن الأمر يحتاج إلى انخراط كلي في هذه العملية لضمان حق الولوج للمعرفة.
رئيس الجمعية عبد الرحمان حنصال
أبى عبد الرحمان حنصال، رئيس جمعية دعم المكتبات القروية، 43 سنة، إلا أن يسخر معرفته وخبرته في مجال التوثيق والإعلام والمكتبيات لخدمة قضية وطنية عزيزة على قلبه، تتعلق بالقراءة أو علاقة المواطن بالكتاب. ويرفض أن ينعت الشعب المغربي بأنه شعب لا يقرأ. ويعي أن رهان التنمية مرتبط بالحق في الولوج إلى المعرفة. لهذا يخوض رفقة عدد من الغيورين، يشكلون أعضاء الجمعية، معركة ضد الجهل وعدم المعرفة والأمية.
عبد الرحمن حنصال، خريج مدرسة علوم الإعلام ويعمل حاليا إعلاميا بوزارة الفلاحة، انخرط في الجمعية وهو مؤمن بأنه لا ينبغي أن يعمل من موقع المتفرج، مادامت هناك إمكانية للتحرك واستنفار الهمم المسؤولة من أجل تغيير النظرة للقراءة وتحبيب الكتاب للطفل والشاب والبالغ، والعامل والمتخرج...
يعمل الرئيس إلى جانب طاقم من الشباب، هم سناء مسالم، الكاتبة العامة، وناهد بزاز نائبتها، ورجاء باحماد أمينة المال، ومولاي هشام تدغي نائبها.. ويعترف بصعوبة الاشتغال وخاصة في العالم القروي لكن واجبه الوطني يبقى فوق كل اعتبار، ويحث على أن رقي الأمم وتنمية الأجيال يقاس بنسبة الحضور المعرفي لدى كل فرد من أفراد المجتمع.
جمعية دعم الخزانات القروية
زنقة أوزكيطة، بلوك 1، رقم 77
اليوسفية الغربية – الرباط
الهاتف: 061201023